فصل: سورة والشمس وضحاها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن الكريم



.سورة المطففين:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (14):

{كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
قال: هو الذنب بعد الذنب.
وقال الحسن: هو الذنب على الذنب، حتى يعمى القلب.
وقال غيره: لما كثرت ذنوبهم ومعاصيهم أحاطت بقلوبهم.
وأصل هذا: أن القلب يصدأ عن المعصية، فإذا زادت غلب عليه الصدأ حتى يصير رانا، ثم يغلب حتى يصير طبقا وقفلا وختما. فيصير القلب في غشاوة وغلاف، فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة انتكس، فصار أعلاه أسفله، فحينئذ يتولاه عدوه، ويسوقه حيث أراد، والمعافى من عافاه اللّه.
وقال في شفاء العليل.
وأما الران: فقد قال اللّه تعالى: {كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ} قال أبو عبيدة: غلب عليها. والخمر ترين على عقل السكران، والموت يرين على الميت، فيذهب به، ومن هذا الحديث أسيفع جهينة وقول عمر: (فأصبح قدرين به) أي غلب عليه، وأحاط به الرّين.
وقال أبو معاذ النحوي: الرين أن يسود القلب من الذنوب، والطبع: أن يطبع على القلب. وهو أشد من الرين. والأقفال أشد من الطبع. وهو أن يقفل على القلب.
وقال الفراء: كثرت الذنوب والمعاصي منهم، فأحاطت بقلوبهم، فذلك الرين عليها.
وقال أبو إسحاق: ران غطّى، يقال: ران على قلبه الذنب يرين رينا.
أي غشيه. قال: والرين كالغشاء يغشي القلب. ومثله العين.
قلت: أخطأ أبو إسحاق. فالغين ألطف شيء وأرقه.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «وإنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر اللّه في اليوم مائة مرة».
وأما الرين والران: فهو من أغلظ الحجب على القلب وأكثفها وقال مجاهد: هو الذنب على الذنب، حتى تحيط الذنوب بالقلب وتغشاه، فيموت القلب.
وقال مقاتل: غمرت القلوب أعمالهم الخبيثة، وفي سنن النسائي والترمذي من حديث أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن زاد زيد فيها حتى تعلو قلبه. وهو الران الذي ذكر اللّه {كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ}».
قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وقال عبد اللّه بن مسعود: «كلما أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء، حتى يسود القلب كله» فأخبر سبحانه أن ذنوبهم التي اكتسبوها أوجبت لهم رينا على قلوبهم، فكان سبب الران منهم. وهو خلق اللّه فيهم، فهو خالق السبب ومسببه، لكن السبب باختيار العبد، والمسبب خارج عن قدرته واختياره.

.تفسير الآيات (18- 20):

{كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (19) كِتابٌ مَرْقُومٌ (20)}
أخبر تعالى أن كتابهم كتاب مرقوم، تحقيقا. لكونه مكتوبا كتابة حقيقية. وخص تعالى كتاب الأبرار: أنه يكتب ويوقع لهم به بمشهد المقربين من الملائكة والنبيين سادات المؤمنين. ولم يذكر شهادة هؤلاء لكتاب الفجار، تنويها بكتاب الأبرار وما وقع لهم به، وإشهارا له وإظهارا لمكانتهم بين خواص خلقه، كما يكتب الملوك تواقيع يعظمون بين الأمراء وخواص أهل المملكة، تنويها باسم المكتوب له، وإشهارا بذكره. وهذا نوع من صلاة اللّه سبحانه وتعالى وملائكته على عبده.

.سورة الانشقاق:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (19):

{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (19)}
أي حالا بعد حال. فأول أطباقه: كونه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم جنينا، ثم مولودا، ثم رضيعا، ثم فطيما، ثم صحيحا أو مريضا، غنيا أو فقيرا، معافى أو مبتلى- إلى جميع أحوال الإنسان المختلفة عليه إلى أن يموت، ثم يبعث، ثم يوقف بين يدي اللّه، ثم يصير إلى الجنة أو النار.
فالمعنى: لتركبن حالا بعد حال، ومنزلا بعد منزل، وأمرا بعد أمر.
قال سعيد بن جبير وابن زيد: لتكونن في الآخرة بعد الأولى، ولتصيرنّ أغنياء بعد الفقر، وفقراء بعد الغنى.
وقال عطاء: شدة بعد شدة.
والطبق والطبقة: الحال. ولهذا يقال: كان فلان على طبقات شتّى.
قال عمرو بن العاص: (لقد كنت على طبقات ثلاث) أي أحوال.
قال ابن الاعرابي: الطبق الحال على اختلافها.
وقد ذكرنا بعض أطباق الجنين في البطن من حين كونه نطفة إلى وقت ميلاده. ثم نذكر الطباقات بعد ولادته إلى آخرها.

.سورة الطارق:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآيات (5- 7):

{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (7)}
قال الزجاج: قال أهل اللغة أجمعون: التربة، موضع القلادة من الصدر، والجمع: ترائب.
وقال أبو عبيدة: الترائب معلق الحلق من الصدر، وهو قول جميع أهل اللغة، وقال عطاء عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. يريد صلب الرجل وترائب المرأة. وهو موضع قلادتها، وهو قول الكلبي ومقاتل وسفيان وجمهور أهل التفسير وهو المطابق لهذه الأحاديث، وبذلك أجرى اللّه العادة في إيجاد ما يوجده من أصلين، كالحيوان والنبات وغيرهما من المخلوقات.
فالحيوان ينعقد من ماء الذكر وماء الأنثى، كما ينعقد النبات من الماء والتراب والهواء. ولهذا قال تعالى: {بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ} [6: 101] فإن الولد لا يكون إلا من بين الذكر وصاحبته.
ولا ينقض هذا بآدم وحواء أبوينا، ولا بالمسيح، فإن اللّه سبحانه خلط تراب آدم بالماء حتى صار طينا، ثم أرسل اللّه الهواء والشمس عليه حتى صار كالفخار، ثم نفخ فيه الروح، وكانت حواء مستلّة منه، وجزءا من أجزائه.
والمسيح خلق من ماء مريم، ونفخ الملك. فكانت النفخة له كالأب لغيره.

.سورة والشمس وضحاها:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآيات (9- 10):

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (10)}
المعنى: قد أفلح من كبرها وأعلاها بطاعة اللّه، وأظهرها، وقد خاب وخسر من أخفاها، وحقرها وصغرها بمعصية اللّه.
وأصل التدسية: الإخفاء. ومنه قوله تعالى: {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ} [16: 49] فالعاصي يدسّ نفسه بالمعصية، ويخفي مكانها، ويتوارى من الخلق من سوء ما يأتي به، قد انقمع عند نفسه، وانقمع عند اللّه، وانقمع عند الخلق.
فالطاعة والبر: تكبر النفس وتعزها وتعليها، حتى تصير أشرف شيء وأكبره، وأزكاه وأعلاه، ومع ذلك فهي أذل شيء وأحقره وأصغره للّه تعالى.
وبهذا الذل للّه حصل لها العز والشرف والنمو، فما صغّر النفس مثل ومعصيته اللّه، وما كبرها وشرفها ورفعها مثل طاعة اللّه.

.سورة الضحى:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (11):

{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)}
في هذا التحديث قولان.
أحدهما: أنه ذكر النعمة والإخبار بها. وقول العبد: أنعم اللّه علي بكذا وكذا.
قال مقاتل: يعني أشكر ما ذكر من النعم عليك في هذه السورة من الإيواء مع اليتم، والهدى بعد الضلال، والإغناء بعد العيلة. والتحدث بنعمة اللّه شكر.. كما في حديث جابر مرفوعا: «من صنع إليه معروف فليجز به، فإن لم يجد ما يجزي به فليثن عليه. فإنه إذا أثنى عليه فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بما لم يعط، كان كلابس ثوبي زور».
فذكر أقسام الخلق الثلاثة. شاكر النعمة المثني بها، والجاحد لها، والكاتم لها، والمظهر أنه من أهلها وليس من أهلها. فهو متحل بما لم يفعله.
وفي أثر آخر مرفوع: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير. ومن لم يشكر الناس لم يشكر اللّه. والتحدث بنعمة اللّه شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب».
والقول الثاني: أن التحدث بالنعمة المأمور به في هذه الآية: هو الدعوة إلى اللّه، وتبليغ رسالته، وتعليم الأمة.
قال مجاهد: هي النبوة.
وقال الزجاج: أي بلغ ما أرسلت به، وحدث بالنبوة التي آتاك اللّه.
وقال الكلبي: هو القرآن، أمره أن يقرأه على الناس.
والصواب: أنه يعم النوعين، إذ كل منهما نعمة مأمور بشكرها، والتحدث بها. وإظهارها من شكرها.

.سورة التكاثر:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآيات (1- 8):

{أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}
أخبر سبحانه أن التكاثر شغل أهل الدنيا وألهاهم عن اللّه والدار الآخرة، حتى حضرهم الموت، فزاروا المقابر دون الموت، ولم يفيقوا من رقدة إلهاء التكاثر.
وجعل الغاية زيارة المقابر دون الموت، إيذانا بأنهم غير مستبقين ولا مستقرين في القبور، وأنهم فيها بمنزلة الزائرين، يحضرونها مرة ثم يظعنون عنها، كما كانوا في الدنيا كذلك زائرين لها، غير مستقرين فيها، ودار القرار هي الجنة أو النار.
ولم يعين سبحانه المتكاثر به، بل ترك ذكره، إما لأن المذموم هو نفس التكاثر بالشيء، لا المتكاثر به. كما يقال: شغلك اللعب واللهو، ولم يذكر ما يلعب ويلهو به، وإما إرادة الإطلاق، وهو كل ما تكاثر به العبد غيره من أسباب الدنيا، من مال أو جاه أو عبيد. أو إماء أو بناء، أو غراس، أو علم لا يبتغى به وجه اللّه، أو عمل لا يقر به إلى اللّه. فكل هذا من التكاثر الملهي عن اللّه والدار الآخرة. وفي صحيح مسلم من حديث عبد اللّه ابن الشخّير أنه قال: «انتهيت إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو يقرأ: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ} قال يقول ابن آدم: مالي، مالي، وهل لك من مال إلا ما تصدقت فأمضيت، أو أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت؟».
ثم توعد سبحانه من ألهاه التكاثر وعيدا مؤكدا، إذا عاين تكاثره قد ذهب هباء منثورا، وعلم أن دنياه التي كاثر بها إنما كانت خدعا وغرورا، فوجد عاقبة تكاثره اليه لا له، وخسر هنالك تكاثره. كما خسره أمثاله. وبدا له من اللّه ما لم يكن في حسابه، وصار تكاثره الذي شغله عن اللّه والدار الآخرة من أعظم أسباب عذابه، فعذب بتكاثره في دنياه، ثم عذب به في البرزخ، ثم يعذب به يوم القيامة. فكان أشقي الناس بتكاثره في دنياه، ثم عذب في البرزخ، ثم يعذب به يوم القيامة. فكان أشقي الناس بتكاثره. إذ أفاد منه العطب، دون الغنيمة والسلامة. فلم يفز من تكاثره إلا بأن صار من الأقلين، ولم يحظ من علوه به في الدنيا إلا بأن حصل مع الأسفلين.
فيا له تكاثرا ما أثقله وزرا، وما أجلبه من غنى جالبا لكل فقر، وخيرا توصل به إلى كل شر، يقول صاحبه إذا انكشف عنه غطاؤه. يا ليتني قدمت لحياتي، وعملت فيه بطاعة اللّه قبل وفاتي {رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ فقيل له كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها} تلك كلمته يقولها. فلا يعول عليها. ورجعته يسألها، فلا يجاب إليها.
وتأمل قوله أولا: {رب} استغاث بربه، ثم التفت إلى الملائكة الذين أمروا بإحضاره بين يدي ربه تبارك وتعالى، وقال: {ارجعوني} ثم ذكر سبب سؤال الرجعة. وهو أن يستقبل العمل الصالح فيما ترك خلفه من ماله وجاهه وسلطانه وقوته وأسبابه، فيقال له: {كلا} لا سبيل لك إلى الرجعة، وقد عمّرت ما يتذكر فيه من تذكر.
ولما كان شأن الكريم الرحيم أن يجيب من استقاله، وأن يفسح له في المهلة ليتذكر ما فاته- أخبر سبحانه أن سؤال هذا المفرط الرجعة كلمة: هو قائلها، لا حقيقة تحتها، وأن سجيته وطبيعته تأبى أن تعمل صالحا. لو أجيب. وإنما ذلك شيء يقوله بلسانه، وإنه لو ردّ لعاد لما نهى عنه، وإنه من الكاذبين.
فحكمة أحكم الحاكمين، وعزته وعلمه وحمده، يأبى إجابته إلى ما سأل. فإنه لا فائدة من ذلك. ولو رد لكانت حاله الثانية مثل حاله الأولى، كما قال تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ} [6: 27].
وقوله: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} جوابه محذوف، دل عليه ما تقدم، أي لما ألهاكم التكاثر، وإنما وجد هذا التكاثر وإلهاؤه عما هو أولى بكم لمّا فقد منكم علم اليقين، وهو العلم الذي يصل به صاحبه إلى حد الضروريات، التي لا يشك ولا يماري في صحتها وثبوتها. ولو وصلت حقيقة هذا العلم إلى القلب وباشرته لما ألهاه شيء عن موجبه، ولترتب أثره عليه. فإن مجرد العلم بقبح الشيء وسوء عواقبه قد لا يكفي في تركه. فإذا صار له علم اليقين كان اقتضاء هذا العلم لتركه أشد. فإذا صار عين يقين، كجملة المشاهدات، كان تخلّف موجبه عنه اندر شيء.
وفي هذا المعنى قال حسان بن ثابت رضي اللّه عنه في أهل بدر:
سرنا، وساروا إلى بدر، لحتفهم ** لو يعلمون يقين العلم ما ساروا

قيل: تأكيد لحصول العلم. كقوله: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} [78: 4، 5].
وقيل: ليس تأكيدا، بل العلم الأول عند المعاينة ونزول الموت.
والعلم الثاني في القبر. وهذا قول الحسن ومقاتل. ورواه عطاء عن ابن عباس.
ويدل على صحة هذا القول عدة أوجه:
أحدها: أن الفائدة الجديدة والتأسيس هو الأصل. وقد أمكن اعتباره، مع فخامة المعنى وجلالته، وعدم الإخلال بالفصاحة.
الثاني: توسط {ثم} بين العلمين، وهي مؤذنة بتراخي ما بين المرتبين زمانا وخطرا.
الثالث: أن هذا القول مطابق للواقع. فإن المحتضر يعلم عند المعاينة حقيقة ما كان عليه، ثم يعلم في القبر وما بعده ذلك علما يقينا، هو فوق العلم الأول.
الرابع: أن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وغيره من السلف فهموا من الآية عذاب القبر.
قال الترمذي: حدثنا أبو كريب حدثنا حكام بن سليم الرازي عن عمرو بن أبي قيس عن الحجاج بن منهال بن عمرو بن زر عن علي رضي اللّه عنه قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ}
قال الواحدي: يعني أن معنى قوله: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} في القبر.
الخامس: أن هذا مطابق لما بعده من قوله: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ} فهذه الرؤية الثانية غير الأولى من وجهين: إطلاق الأولى، وتقييد الثانية بعين اليقين، وتقدم الأولى، وتراخي الثانية عنها.
ثم ختم السورة بالإخبار المؤكد بواو القسم ولام التأكيد، والنون الثقيلة عن سؤال النعيم. فكل أحد يسأل عن نعيمه الذي كان فيه في الدنيا: هل ناله من حلاله ووجهه أم لا؟ فإذ تخلص من هذا السؤال، سئل سؤالا آخر: هل شكر اللّه تعالى عليه، باستعانة به على طاعته أم لا؟
فالأول سؤال عن سبب استخراجه.
والثاني: عن محل صرفه. كما في جامع الترمذي من حديث عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره: فيما أفناه؟ وعن شبابه:فيما أبلاه؟ وعن ماله: من أين اكتسبه، وفيما أنفقه؟ وفيما ذا عمل فيما علم؟».
وفيه أيضا: عن أبي برزة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره: فيما أفناه؟ وعن علمه: فيما عمل فيه؟ وعن ماله: من أين اكتسبه وفيما أبلاه؟».
وقال: هذا حديث صحيح.
وفيه أيضا: من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة- يعني من النعيم- أن يقال له: ألم نصحّ جسمك؟ ونرويك من الماء البارد؟».
وفيه أيضا: من حديث الزبير بن العوام رضي اللّه عنه قال: «لما نزلت: {لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قال الزبير: يا رسول اللّه: فأي النعيم نسأل عنه، وإنما هو الأسودان: التمر والماء؟ قال: أما إنه سيكون».
وقال: هذا حديث حسن.
وعن أبي هريرة نحوه. وقال: «إنما هو الأسودان: العدو حاضر، وسيوفنا على عواتقنا. فقال: إن ذلك سيكون».
وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «إن ذلك سيكون».
إما أن يكون المراد به: أن النعيم سيكون ويحدث لكم، وإما ان يرجع إلى السؤال، أي إن السؤال يقع عن ذلك، وإن كان تمرا وماء، فإنه من النعيم.
ويدل عليه قوله صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصحيح- وقد أكلوا معه رطبا ولحما، وشربوا من الماء البارد- «هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة».
فهذا سؤال عن شكره والقيام بحقه.
وفي الترمذي من حديث أنس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «يجاء بالعبد يوم القيامة، كأنه بذج فيوقف بين يدي اللّه تعالى، فيقول اللّه: أعطيتك وخوّلتك، وأنعمت عليك، فماذا صنعت؟ فيقول: يا رب جمعته، وثمرته، فتركته أوفر ما كان، فأرجعني آتيك به. فإذا أعيد لم يقدم خيرا، فيمضي به إلى النار».
وفيه من حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي اللّه عنهما قالا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يؤتى بالعبد يوم القيامة، فيقول اللّه: ألم أجعل لك سمعا وبصرا ومالا، وولدا، وسخرت لك الأنعام والحرث، وتركتك ترأس وترتع، أفكنت تظن أنك ملاق يومك هذا؟ فيقول: لا. فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني».
وقال: هذا حديث صحيح.
وقد زعم طائفة من المفسرين: أن هذا الخطاب خاص بالكفار، وأنهم هم المسؤولون عن النعيم. وذكروا ذلك عن الحسن ومقاتل. واختار الواحدي ذلك. واحتج بحديث أبي بكر لما نزلت هذه الآية، قال رسول اللّه: «أرأيت أكلة أكلتها معك ببيت أبي الهيثم بن التيهان من خبز شعير ولحم، وبسر قد ذنّب، وماء عذب أتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي نسأل عنه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنما ذلك للكفار»، ثم قرأ: {وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [43: 17].
وقال الواحدي: والظاهر يشهد بهذا القول. لأن السورة كلها خطاب للمشركين وتهديد لهم. والمعنى أيضا يشهد بهذا القول، وهو أن الكفار لم يؤدوا حق النعيم عليهم، حيث أشركوا بربهم وعبدوا غيره، فاستحقوا أن يسألوا عما أنعم به عليهم، توبيخا لهم، هل قاموا بالواجب فيه، أم ضيعوا حق النعمة؟ ثم يعذبون على ترك الشكر بتوحيد المنعم.
قال: وهذا معنى قول مقاتل، وهو قول الحسن. قال: لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار.
قلت: ليس في اللفظ ولا في السنة الصحيحة، ولا في أدلة العقل ما يقتضي اختصاص الخطاب بالكفار، بل ظاهر اللفظ، وصريح السنة والاعتبار: يدل على عموم الخطاب لكل من اتصف بأنه ألهاه التكاثر. فلا وجه لتخصيص الخطاب ببعض المتصفين بذلك.
ويدل على ذلك قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عند قراءة هذه السورة: «يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت؟ أو لبست فأبليت»- الحديث وهو في صحيح مسلم. وقائل ذلك قد يكون مسلما. وقد يكون كافرا.
ويدل عليه أيضا: الأحاديث التي تقدمت، وسؤال الصحابة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وفهمهم العموم، حتى قالوا له: «وأي نعيم نسأل عنه، وإنما هو الأسودان» فلو كان الخطاب مختصا بالكفار لبين لهم ذلك. وقال: مالكم ولها؟ إنما هي للكفار.
فالصحابة فهموا العموم، والأحاديث صريحة في التعميم. والذي أنزل عليه القرآن أقرهم على فهم العموم.
وأما حديث أبي بكر الذي احتج به أرباب هذا القول. فحديث لا يصح. والحديث الصحيح في تلك القصة يشهد ببطلانه. ونحن نسوقه بلفظه.
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: «خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يوم أو ليلة. فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: ما أخرجكما من بيوتكما في هذه الساعة؟ قالا: الجوع، يا رسول اللّه. قال: وأنا والذي نفسي بيده، لأخرجني الذي أخرجكما، قوما، فقاما معه. فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته. فلما رأته امرأته قالت: مرحبا وأهلا. فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أين فلان؟ قالت: ذهب ليستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وصاحبيه، فقال: الحمد للّه ما أجد اليوم أكرم أضيافا مني. قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال: كلوا من هذا. فأخذ المدية، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إياك والحلوبة. فذبح لهم، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربوا. فلما أن شبعوا ورووا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي بكر وعمر: والذي نفسي بيديه لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة. أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصبتم هذا النعيم».
فهذا الحديث الصحيح صريح في تعميم الخطاب، وأنه غير مختص بالكفار.
وأيضا فالواقع يشهد بعدم اختصاصه، وأن الإلهاء بالتكاثر واقع بين المسلمين كثيرا، بل أكثرهم قد ألهاه التكاثر. وخطاب القرآن عام لمن بلغه، وإن كان أول من دخل فيه المعاصرون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فهو متناول لمن بعدهم. وهذا معلوم بضرورة الدين، وإن نازع فيه من لا يعتد بقوله من المتأخرين.
فنحن اليوم ومن قبلنا ومن بعدنا داخلون تحت قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ} [2: 183] ونظائره، كما دخل تحته الصحابة بالضرورة المعلومة من الدين.
فقوله: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ} خطاب لكل من اتصف بهذا الوصف.
وهم في الإلهاء والتكاثر درجات لا يحصيها إلا اللّه.
فإن قيل: فالمؤمنون لم يلههم التكاثر. ولهذا لم يدخلوا في الوعيد المذكور لمن ألهاه.
قيل: هذا هو الذي أوجب لأرباب هذا القول تخصيصه بالكفار، لأنه لم يمكنهم حمله على العموم، ورأوا أن الكفار أحق بالوعيد، فخصوهم به.
وجواب هذا: أن الخطاب للإنسان من حيث هو إنسان، على طريقة القرآن في تناول الذم له من حيث هو إنسان. كقوله: {وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا} [17: 11] {وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً} [17: 67] {إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [100: 6] {وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا} [33: 73] {إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ} [22: 66] ونظائره كثيرة.
فالإنسان من حيث هو عار عن كل خير من العلم النافع، والعمل الصالح، وإنما اللّه سبحانه هو الذي يكمله بذلك، ويعطيه إياه. وليس له ذلك من نفسه. بل ليس له من نفسه إلا الجهل المضاد للعلم، والظلم المضاد للعدل، وكل علم وعدل وخير فيه فمن ربه، لا من نفسه. فإلهاء التكاثر طبيعته وسجيته، التي هي له من نفسه. ولا خروج له عن ذلك إلا بتزكية اللّه له، وجعله مريدا للآخرة، مؤثرا لها على التكاثر بالدنيا. فإن أعطاه ذلك وإلا فهو ملته بالتكاثر في الدنيا ولا بد.
أما احتجاجهم بالوعيد على اختصاص الخطاب بالكفار. فيقال: الوعيد المذكور مشترك، وهو العلم عند معاينة الآخرة. فهذا أمر يحصل لكل أحد، لم يكن حاصلا له في الدنيا. وليس في قوله: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} ما يقتضى دخول النار، فضلا عن التخليد فيها. وكذلك رؤية الجحيم لا يستلزم دخولها لكل من رآها. فإن أهل الموقف يرونها، ويشاهدونها عيانا، وقد أقسم الرب تبارك وتعالى أن لابد أن يراها الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم، وبرهم وفاجرهم {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا} [19: 71].
فليس في جملة هذه السورة ما ينفي عموم خطابها.
وأما ما ذكروه عن الحسن: لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار. فباطل قطعا، إما عليه وإما منه. والأحاديث الصحيحة الصريحة ترده. وباللّه التوفيق.
ولا يخفى أن مثل هذه السورة مع عظم شأنها وشدة تخويفها. وما تضمنته من تحذير الإنسان عن التكاثر الملهي، وانطباق معناها على أكثر الخلق يأبى اختصاصها من أولها إلى آخرها بالكفار، ولا يليق ذلك بها.
ويكفي في ذلك تأمل الأحاديث المرفوعة فيها. واللّه أعلم.
وتأمل ما في هذا العتاب الراجع لمن استمر على إلهاء التكاثر له مدة حياته كلها، إلى أن زار القبور، ولم يستيقظ من نوم الإلهاء، بل أرقد التكاثر قلبه فلم يستفق منه إلا وهو في عسكر الأموات.
وطابق بين هذا وبين حال أكثر الخلق يتعين لك أن العموم مقصود.
وتأمل تعليقه سبحانه الذم والوعيد على مطلق التكاثر من غير تقييد بمتكاثر به، ليدخل فيه التكاثر بجميع أسباب الدنيا، على اختلاف أجناسها وأنواعها.
وأيضا فإن التكاثر تفاعل، وهو طلب كل من المتكاثرين أن يكاثر صاحبه. فيكون أكثر منه فيما يتكاثره به. والحامل له على ذلك: توهمه أن العزة للكاثر كما قيل:ولست بالأكثر منهم غنى وإنما العزة للكاثر فلو حصلت له الكثرة من غير تكاثر لم تضره، كما كانت الكثرة حاصلة لجماعة من الصحابة، ولم تضرهم. إذ لم يتكاثروا بها. وكل من كاثر إنسانا في دنياه، أو جاهه، أو غير ذلك، أشغلته مكاثرته عن مكاثرة أهل الآخرة.
فالنفوس الشريفة العلوية ذات الهمم العالية إنما تكاثر بما يدوم عليها نفعه، وتكمل به وتزكوا، وتصير مفلحة. فلا تحب أن يكثرها غيرها في ذلك، وينافسها في هذه المكاثرة، ويسابقها إليها. فهذا هو التكاثر الذي هو غاية سعادة العبد.
وضده: تكاثر أهل الدنيا بأسباب دنياهم. فهذا تكاثر مله عن اللّه وعن الدار الآخرة. وهو جارّ إلى غاية القلة.
فعاقبة هذا التكاثر: قلّ وفقر وحرمان.
والتكاثر بأسباب السعادة الأخروية تكاثر لا يزال يذكر باللّه وبنعمه.
وعاقبته الكثرة الدائمة التي لا تزول ولا تفنى. وصاحب هذا التكاثر لا يهون عليه أن يرى غيره أفضل منه قولا، وأحسن منه عملا، وأغزر منه علما. وإذا رأى غيره أكثر منه في خصلة من خصال الخير يعجز عن لحوقه فيها كاثره بخصلة أخرى، وهو قادر على المكاثرة بها. وليس هذا التكاثر مذموما، ولا قادحا في إخلاص العبد، بل هو حقيقة المنافسة، واستباق الخيرات.
وقد كانت هذه حال الأوس مع الخزرج رضي اللّه عنهم في تصاولهم بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ومكاثرة بعضهم لبعض في أسباب مرضاته ونصره.
وكذلك كانت حال عمر مع أبي بكر رضي اللّه عنهما. فلما تبين لعمر مدى سبق أبي بكر له قال: «واللّه لا أسابقك إلى شيء أبدا».
فصل:
ومن تأمل حسن موقع {كلا} في هذا الموضع، فإنها تضمنت ردعا لهم، وزجرا عن التكاثر، ونفيا وإبطالا لما يؤملونه، من نفع التكاثر لهم، وعزتهم وكمالهم به، فتضمنت اللفظة نهيا ونفيا، وأخبرهم سبحانه أنهم لابد أن يعلموا عاقبة تكاثرهم علما بعد علم، وأنهم لابد أن يروا دار المكاثرين بالدنيا التي ألهتهم عن الآخرة رؤية بعد رؤية، وأنه سبحانه لابد أن يسألهم عن أسباب تكاثرهم: من أين استخرجوها؟ وفيم صرفوها؟.
فلله ما أعظمها من سورة، وأجلها وأعظمها فائدة، وأبلغها موعظة وتحذيرا، وأشدها ترغيبا في الآخرة، وتزهيدا في الدنيا على غاية اختصارها، وجزالة ألفاظها وحسن نظمها. فتبارك من تكلم بها حقا وبلغها رسوله عنه وحيا.
فصل:
وتأمل كيف جعلهم عند وصولهم إلى غاية كل حي زائرين غير مستوطنين، بل هم مستودعون في المقابر مدة، وبين أيديهم دار القرار. فإذا كانوا عند وصولهم إلى الغاية زائرين، فكيف بهم وهم في الطريق في هذه الدار؟ فهم فيها عابرو سبيل إلى محل الزيارة، ثم منتقلون من محل الزيارة إلى المستقر.
فهنا ثلاثة أمور: عبور السبيل في هذه الدنيا، وغايته زيارة القبور، وبعدها النقلة إلى دار القرار.